آداب الجوارح
التصوف بكل لغات العالم :
آداب الجوارح
ثم على كل جارحة من الجوارح آداب تختص به فآداب العين أن ينظر إلى إخوانه نظر مودةومحبة يعرفها منك هوومن حضر المجلس ويكون نظره إلى محاسنه وإلى أحسن شيء يصدر منه وأن لا يصرف عنه بصره في وقت إقاله عليه وكلانه معه
وآداب السمع أن يستمع إلى حديثه سماع مشتهى لما سمعه متلذذ به
وإذا كلمته لا تصرف بصرك عنه ولا تقطع حديثه بسبب من الأسباب فإن اضطرك الوقت إلى شيء من ذلك استعذرته فيه وأظهرت له عذرك
وآداب اللسان أن تكلم إخوانك بما يحبون ثم في وقت نشاطهم لسماع ما تكلمهم به وتبذل لهم نصيحتك وتدلهم على ما فيه صلاحهم وتسقط من كلامك ما تعلم أن أخاك يكرهه من حديث أو لفظ أو غيره ولا ترفع عليه صوتك ولا تخاطبه بما لا يفهم وكلمه بمقدار فهمه وعلمه
وآداب اليدين أن يكونا مبسوطتين لإخوانه بالبر والمعونة لا تقبضهما عنهم وعن الإفضال عليهم ومعونتهم فيما يستعينون به
وآداب الرجلين أن يماشي إخوانه على حد التبع ولا يتقدمهم فإن قربه إلى نفسه تقرب إليه مقدارها يعلم أنه محتاج إليه ثم يرجع إلى موضعه ولا يقعد عن حقوق إخوانه معولا على الثقة بإخوانهم لأن فضيل بن عياض قال ترك قضاء حقوق الإخوان مذلةويقوم لإخوانه إذا أبصرهم مقبلين ولا يقعد إلا بقعودهم ويقعد حيث يقعدونه كذلك
205 - أنشدت لمنصور أو غيره ... فلما بصرنا به مقبلا ... حللنا الجثا وابتدرنا القياما ... فلا تنكرن قيامي له ... فإن الكريم يجل الكراما ...
هذا كله يبين أن آداب الظواهر عنوان آداب السرائر كذلك
206 - روى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رأى رجلا يمس لحيته فقال
لو خشع قلبه لخشعت جوارحه
207 - ولما قال الجنيد لأبي حفص أدبت أصحابك اداب السلاطين فقال لا أبا القاسم ولكن حسن آداب الظاهر عنوان حسن آداب الباطن وتعلم أن كل علم وحال وصحبة خرج من قالب الأدب فهو مردود على صاحبه
208 - فإنه روى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال إن الله أدبني فأحسن تأديبي
209 - وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحب معالي الأخلاق
ثم تعلم هذا أنه كما يجب عليه مراعاة ظاهره لصحبة الخلق وعشيرتهم فإن مراعاة باطنه أولى لأنه موضع نظر الله وآدابها أن تكون بملازمة الإخلاص والتوكل والخوف والرجاء والرضا والصبر وسلامة الصدر وحسن الظن بهم والاهتمام بأمورهم
210 - فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال
من لم يهتم بالمسلمين فليس منهم
خاتمة
فمن تأدب في الباطن بهذه الآداب وتأدب في الظاهر بما ناه رجوت أن يكون من الموفقين ونحن نسأل الله أن يوفقنا [ للأخلاق الجميلةوأن يخببنا الأخلاق السيئة ] في أفعالنا وأحوالنا وأقوالنا مما يقربنا إليه ولا يكلنا في شيء من أمرنا وأسبابنا إلى أنفسنا وأن يتولى إعانتنا وكلائتنا حسب المأمول من كرمه وفضله إنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على أشرف الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأنصاره وذريته وأهل بيته الطيبين الطاهرين وتابعهم بإحسان
إلى يوم الدين وهو حسبنا ونعم الوكيل
سبحانك لا نحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
فلك الحمد حتى ترضى ولك الحمد على الرضا ولك الحمد إذا رضيت دائما أبدا بدوامك باقيا ببقائك لا منتهى لها دون علمك ولقائك ثم منح السرور على يد الفقير الحقير عبد القدوس بن محمد المفتى سابقا بلاذقية العرب رسم برسم أخيه الشيخ حسين لطف الله بهما في الدارين والمسلمين آمين