سيدى ابراهيم الدسوقي يقول: يا أولادي عمركم في انتهاب، وأجلكم في اقتراب



التصوف بكل لغات العالم : 
وكان رضي الله عنه يقول: يا أولادي عمركم في انتهاب، وأجلكم في اقتراب، وقد طويت الدنيا وجثا أولها عند آخرها فالسعادة كل السعادة لمن طوى منكم صحيفته كل يوم مضمخة معنبرة ممسكة معطرة بأعماله الزكية وشيمه المرضية. والشقاوة كل الشقاوة لمن طوى منكم صحيفته كل يوم على زلات وقبائح عظيمات. يا أولادي كأنكم بالساهرة وقد مدت وبالجبال وقد دكت وبالحجارة وقد صاخت بالحصى وهو يقطر دماً فبادروا واعملوا ولا تسرفوا تندموا هذه وصيتي لكم وهديتي إليكم وكان يقول: إنما قالوا حسنات الأبرار سيئات المقربين.. لأن المقرب يراعي الخطوات واللحظات وبعد ذلك من الهفوات، ويفتش على هواجس النفوس ويراقب خروج أنفاسه ويخاف من حسناته كما يخاف المذنب من سيئاته. والأبرار لا يقدرون على هذا الحال، وأيضاً فالمقرب لا يقول عند شرابه أواه ولا ما أحلاه ولا يصفق بكف، ولا يصرخ، ولا يشق، ولا يضرب برأسه الحجر ولا يهيم، ولا يمشي على الماء ولا يقفز في الهواء، فلما لم يقع منه شيء من ذلك أثبته أهل الطريق ونفوا من فعل ذلك لقلة ثبوته على الواردات مع أنهم سلموا له حاله لغلبته عليه وجعلوا حسناته سيئات مع أن المقربين ليس لهم سيئات إنما هي محاسبات عاليات نفيسات. وكان يقول: كيف يدعي أحكم أنه من الصالحين، وهو يقع في الأفعال الردية، وأكل طعام المكاسين وأهل الرشا والربا والظلمة وأعوانهم، وكيف يدعي أنه من الصالحين وهو يقع في الكذب والغيبة، والوقيعة في الناس، وفي أعراضهم، وكيف يطلب أن يكتب عند اللّه صادقاً أو ولياً أو حبيباً أو زكياً أو رضياً وهو يقع في شيء من المناهي، ولعمري هذا الآن لم يتب فكيف يدعي الطريق أو يتوب غيره.