الامام الشاذلي.. والسماع
التصوف بكل لغات العالم :
كان الإمام الشاذلي رحمه الله من القائلين بعدم إباحة السماع لأهل الطريق، ويقول في ذلك ابن عطاء الله: «قيل لسيدي أبي الحسن: لم يا سيدي لا تحب السماع؟ فقال: السماع من الخلق جفاء([93])».
وقال الشاذلي: «سألت أستاذي -يقصد ابن مشيش- رحمه الله عن السماع، فأجابني بقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ =٦٩- فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ =٧٠-﴾ [الصَّفات: 69-70]».
وهناك نصوص كثيرة تؤكد أن الإمام الشاذلي من المنكرين للسماع مع أن بعض أتباعه الآن يستخدمون في احتفالاتهم وموالدهم الموسيقى والإنشاد.
وهأنذا أقدم نصا آخر يؤكد انفصال الخلف عن السلف باستعمالهم أدوات الموسيقى والغناء مع أن شيخهم الأكبر للطريقة الشاذلية لم يقل بهذا أبدا.
قال الشاذلي رحمه الله: «رأيت في النوم كأن بين يدي كتاب الفقيه ابن عبد السلام وأوراقًا فيها شعر من جزء، وإذا بأستاذي رحمه الله واقف، فتناول كتاب الفقيه بيمينه والأوراق بشماله، فقال لي كالمستهزئ: أتعدلون عن العلوم الذكية؟ وأشار بيده إلى كتاب الفقيه إلى أشعار ذوي الأهواء الردئية؟ وأشار بيده إلى أوراق الشعر، ثم رماه في الأرض وقال لي: من أكثر من هذا فهو عبد مرقوق لهواه، وأسير لشهوته ومناه، يسترقون بها القلوب بالغفلة والنسيان، ولا إرادة لهم في عمل الخير واكتساب العرفان، يتمايلون عند سماعها تمايل اليهود، ولم يحظ أحد منهم بما حظي أهل الشهود، لئن لم ينته الظالم ليقلبن الله أرضه سماء وسماءه أرضا»([94]).([95])
ويقول الحافظ جلال الدين السيوطي: «وكان الشيخ أبو الحسن ت ليس في طريقه السماع»([96]).
من هذا كله يتضح لنا بجلاء أن إمام الطريقة الشاذلية ورائدها لم يجز لأتباعه السماع ومع ذلك فقد خالفوا شيخهم العظيم.
وها نحن نراهم في مناسباتهم المختلفة يقبلون على السماع يستمعون
أو يسمعون وهذا على خلاف ما قال به الإمام الشاذلي.
كيفية الانتساب إلى الطريقة الشاذلية:
يرى الشيخ زروق أن الانتساب للطريقة الشاذلية يكون عن طريق أخذ العهد أي الأخذ والمصافحة ثم التلقي والمتابعة.
أما الشيخ إبراهيم المواهبي فيقول عن كيفية الانتساب للطريقة الشاذلية ما يلي: «اعلم أن الأخذ على أربعة أقسام:
أحدها: أخذ المصافحة، والتلقين للذكر، ولبس الخرقة، والعدية للتبرك
أو للنسبة فقط.
وثانيها: أخذ رواية، وهي قراءة كتبهم من غير حل لمعانيها، وهو قد يكون للتبرك أو للنسبة أيضا فقط.
وثالثها: أخذ دراية، وهو حل كتبهم لإدراك معانيها كذلك فقط من غير عمل بها.
ورابعها: أخذ تدريب وتهذيب وترق في الخدمة بالمجاهدة للمشاهدة»([97]).
ويقول صاحب (المفاخر العلية): «وينبغي لمن انتسب إلى ولي من أولياء الله أن يتشبه به في أصول طريقته. وفروعها المهمة ثم لا عليه من دقائقها، ويعلم أن هذا الولي باب من أبواب الله تعالى يقف به ليأتيه من ذلك الباب نفحة رحمة على حسب
مراده وقصده، وليكن قصده القرب لله تعالى دون ما سواه»([98]).