الامام الشاذلي.. والحقيقة المحمدية



التصوف بكل لغات العالم : 

الشاذلي الذي رأيناه منذ قليل مفسرا لبعض آي القرآن بمنهجه الصوفي الإشاري

سنراه الآن مفكرا له رؤيا خاصة تجعله من المفكرين القائلين بالحقيقة المحمدية([44]).

والقطب ذو معنيين عند الصوفية: أحدهما -الواحد الذي هو موضع نظر الله في كل زمان، يسري في الكون سريان الروح في الجسد، ويفيض روح الحياة على الكون الأعلى والأسفل.

وقد يسمى القطب غوثا لالتجاء الملهوف إليه، فالقطب هنا إنسان اختص بما لم يختص به غيره عن الكمال.

والمعنى الثاني: أن يكون القطب قطبا للأقطاب، سابقا في وجوده عليهم، وعلى كل ما في عالمي الغيب والشهادة.

يقول ابن الفارض في تائيته الكبرى بلسان القطب المعنوي الذي هو (الحقيقة المحمدية):

وإني وإن كنت ابن آدم سورة.. فلي فيه معنى شاهد بأبوتي ويقول إن جميع الأنبياء صدروا عن الحقيقة المحمدية.

وكلهم من سبق معناي دائر.. بدائرتي أو وارد من شريعتي.

أما ابن عربي فيقول ما ملخصه: (إن القطب هو الكون الجامع العالم الصغير حقيقة الله وصورته وروح العالم وعلته) فيتفق مع ابن الفارض في معنى (الحقيقة المحمدية) من هذه الناحية. ولكن ابن عربي يطلق على القطب كذلك اسم (الإنسان الكامل) ويجعله عاما في كل إنسان متحقق الكمال سواء كان من الأنبياء أو الأولياء السابقين لذات محمد صلى الله عليه وسلم واللاحقين بعده. فقطبيته هنا قطبية حسية أيضًا علاوة على كونها قطبية معنوية.

ويتفق الجيلي مع ابن عربي في معنى القطب لأن الجيلي خاصة أطلق لفظ القطب إطلاقا فجعله شاملا «للحقيقة المحمدية القديمة» ولكل إنسان كامل حادث([45]).