البرهان المؤيد : هات هذه النقود واطلب بعدها البضاعة
التصوف بكل لغات العالم :
جلساء الملك
هات هذه النقود واطلب بعدها البضاعة أيصح لبواب الملك أن ينكر على جلاسه ما يذكرونه من زينة داره وأمتعة بيته وحسن ألبسته وأوانيه وأسلحته ومخزوناته وشدة عقابه وبطشه في من يغضب عليه وكثرة عوائده وفوائده وإحسانه إلى من يحبه ويقربه
كيف يصح ذلك للبواب وهو مسكين محجوب بما هو فيه من عقله أن يجتهد لإحراز رتبة المجالسة كي يرى ما رآه جلاس الملك هذا أجمل من إنكاره وأعم مكرمة وأحسن حالا وأسلم عاقبة وأصلح شأنا إذا طبعت مرآة بصيرة القلب بتراكم صدأ الغفلة عن الرب توارت وجوه الحقائق عن بواطن الإفهام وامتنع عنها إنفاذ نور الإلهام فأظلم وجه البيان بتصاعد أنجزة الخيالات وغمامات الأوهام ما يغني الشمس عن المكفوف مع كمال إشراقها وماله عيون تقبل منه نورها وبرهانها وما يجدي فرط الإشراق مع ضعف الإحداق
نحن في موقف إشراق شمس القدرة وعيون أفهامنا ضعيفة وبغمامات الغفلة محتجبة فما لنا عيون تصلح لرؤية ذلك الجمال ولا قلوب تحمل مهابة تلك العظمة وعزة ذلك الجلال
كلنا تجري بنا سبل الفناء وتقذفنا في أغوار غاياتنا المغيبة عنا المحجوبة دوننا كلنا تجري سفن المنايا برياح حرصنا وشراع أطماعنا في بحار آمالنا وتقذفنا في لجج آجالنا وهمومنا موكلة بقضاء مهماتنا عن عاجل أمورنا وأيدي الحوادث تتلاعب بنا وهواتف الفناء تزعجنا
الناس في غفلاتهم ... ورحى المنية تطحن
ما دون دائرة الرحى ... حصن لمن يتحصن
كل يوم ينادي ملك الموت من بين أيدينا ومن خلفنا أينما تكونوا يدرككم الموت
وظلمات أجداثنا تنتظر ولوج أجسادنا ونحن غرقى في غمرة غفلاتنا وسكرة شهواتنا