الانسان الكامل : الإنسان الكامل على الصورة الإلهية



التصوف بكل لغات العالم : 
الإنسان الكامل على الصورة الإلهية :
لما كان الخلق على مراتب كثيرة , وكان أكمل مرتبة فيه الإنسان , كان كل صنف من العالم جزءاً بالنظر إلى كمال الإنسان , حتى الإنسان الحيوان جزء من الإنسان الكامل , ولما حصل في سمع الإنسان أنه مخلوق على صورة الحق , ولم يفرق بين الإنسان الكامل والإنسان الحيوان , وتخيل أن الإنسان لكونه إنساناً هو على الصورة , وما هو كما وقع له , ولكنه بما هو إنسان هو قابل للصورة , إذا أعطيها لم يمتنع من قبولها , فإذا أعطيها عند ذلك يكون على الصورة , ويُعَدُّ من جملة الخلفاء , فلا يتصرف من هو على الصورة إلا تصرف الحق بها , وتصرف الحق عين ما هو العالم عليه وفيه , وأنت تعلم بكل وجه ما العالم فيه , من مُكَلَّف وغير مُكَلَّف , وما يُنْكَر ويُعرف , ولا يعرف ما يُنْكَر وما يُعرف من العالم المُكَلَّف إلا الخليفة , وهو صاحب الصورة .
ولولا ما خلق الله من خلق على صورته ما قال : الله أكبر , لما في هذه الكلمة من المفاضلة , فما جاء أكبر إلا من كونه الأصل , فعليه حذا الإنسان الكامل , قال تعالى : (( لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس )) لما نسوا صورتهم , فصحت المفاضلة , وليس إلا أن السموات والأرض هما الأصل في وجود الهيكل الإنساني ونفسه الناطقة , فالسموات ما علا والأرض ما سفل , فهو منفعل عنهما , والفاعل أكبر من المنفعل , وما أراد الجرم , لقوله تعالى : (( ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) ولذلك فكل ثناء أثنى الله به على الإنسان الكامل هو ثناء على نفسه , لأنه أوجده على صورته .