الإنسان الكامل رداء الحق فلا أجمل منه



التصوف بكل لغات العالم : 
الإنسان الكامل رداء الحق فلا أجمل منه :
الكبرياء رداء الحق , وليس سواك , فإن الحق تردى بك إذ كنت صورته , فإن الرداء على صورة المرتدي , فالواحد رداء وهو الذي ظهر , وهو الخليفة المبدَع بفتح الدال , والآخر مرتد وهو الذي خفي , وهو القديم المبدع , فلا يعرف المرتدي إلا باطن الرداء , وهو الجمع , ويصير الرداء على شكل المرتدي , قال تعالى : وسعني قلب عبدي ؛ فإذا قلبت الإنسان الكامل رأيت الحق , والإنسان لا ينقلب , فلا يرجع الرداء مرتدَياً لمن هو له رداء , فالإنسان الكامل له الإحاطة , وليس سوى ما حازه من صورته , فإن الرداء يحيط بالمرتدي , وما تردى الرحمن برداء أحسن من الإنسان ولا أكمل , لأنه خلقه على صورته , وجعله خليفة عنه في أرضه , ثم شرع له أن يستخلفه على أهله , فلولا أن الحق أعطاه الاستقلال بالخلافة , ما قال له عن نفسه آمراً : (( فاتخذه وكيلا )) ولا قال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أنت الخليفة في الأهل والصاحب في السفر ) وهو القائل : ( إن الله أدبني فأحسن أدبي ) والرداء للتجمل فله الجمال , فلا أجمل من الإنسان إذا كان عالماً بربه . فلا يشهد العالَمُ سوى الإنسان الذي هو الرداء , والرداء من حيث ظاهره يشهد من يشهده وهو العالم , فيرى الحق ظاهر الرداء بما هو الحق العالم , وهو رؤية دون رؤية باطن الرداء ، فالعالم له الإحاطة لأنه يتقيد بجهة خاصة , فالحق وجه كله , والرداء وجه كله , فهو الظاهر تعالى للعبد من حيث العالم , وهو الباطن لنفسه عن العالم , من حيث ما له صورة في العالم , ومن حيث أن الرداء بينه وبين العالم , فإن الصورة التي للحق في عين العالم الحق لها باطن , من حيث أن الرداء حائل بينه وبين الحق الذي العالم به , فهو باطن لنفسه وللعالم , ولا يصح أن يكون باطناً لباطن الرداء لكن لظاهره , فالإنسان الكامل يشهده تعالى في الظاهر بما هو في العالم , وفي الباطن بما هو مرتد , فتختلف الرؤية على الإنسان الكامل والعين واحدة , ولهذا ينكره بعض الناس في القيامة إذا تجلى , والكامل لا ينكره , فإنه ما كل إنسان له الكمال , فما ينكره إلا الإنسان الحيوان لأنه جزء من العالم , فإذا تجلى له في العلامة وتحول فيها عرفه , لأنه ما يعرفه إلا مقيداً , فالإنسان الكامل هو المعبر عنه بالرداء عند بعضهم , وبالثوب عند آخرين , فإن الرداء والثوب هو محل الصفات وافتراق الجمع , فغاية معرفة العباد أن تصل إليه إن وصلت , والحق وراء ذلك كله أو قل مع ذلك كله .
وللتعريف والتنبيه على التقويم الأكمل الأحسن , والخَلْق الأجمل الأتقن , المحفوظ المصون , في آلم والتين والزيتون , أن قال : عبدي أنت حمدي , وحامل أمانتي وعهدي , أنت طولي وعرضي , وخليفتي في أرضي , والقائم بقسطاس حقي , والمبعوث إلى جميع خلقي , عالمك الأدنى بالعدوة الدنيا , والعدوة القصوى , أنت مرآتي , ومجلى صفاتي , ومُفصِّل أسمائي , وفاطر سمائي , أنت موضع نظري من خَلْقي , ومجتمع جمعي وفرقي , أنت ردائي , وأنت أرضي وسمائي , وأنت عرشي وكبريائي , أنت الدرة البيضاء , والزبرجدة الخضراء , بك ترديت وعليك استويت , وإليك أتيت , وبك إلى خلقي تجليت .