الإنسان الكامل جامع لصورة الحق وصورة العالم



التصوف بكل لغات العالم : 
الإنسان الكامل جامع لصورة الحق وصورة العالم :
لما كان العالم على صورة الحق , وكان الإنسان الكامل على صورة العالم وصورة الحق , وهو قوله : إن الله خلق آدم على صورته ؛ فليس في الإمكان أبدع ولا أكمل من هذا العالم , إذ لو كان لكان في الإمكان ما هو أكمل من صورة الحق فلا يكون , والإنسان الحيوان هو الصورة الظاهرة التي جمع بها حقائق العالم , والإنسان الكامل هو الذي أضاف إلى جميعه حقائق العالم , حقائق الحق التي بها صحت الخلافة , وهو قول القائل : ( وما على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد ) فهو الإنسان الكامل الجامع حقائق العالم وصورة الحق سبحانه وتعالى , فلو يعلم مَنْ جهل أنه ما من شيء من العالم إلا وله حظ من الصورة الإلهية , والعالم كله على الصورة الإلهية , وما فاز الإنسان الكامل إلا بالمجموع , لا بكونه جزءاً من العالم منفعلاً عن السموات والأرض من حيث نشأته , ومع هذا فهو على الصورة الإلهية , كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله خلق آدم على صورته ؟ واختُلِف في ضمير الهاء من صورته , على من يعود ؟ وفي رواية وإن ضعفت على صورة الرحمن , وما كملت الصورة من العالم إلا بوجود الإنسان , فمن كل شيء في الوجود زوجان , لأن الإنسان الكامل والعالم بالإنسان الكامل على صورة الحق , فامتاز الإنسان الكامل عن العالم – مع كونه من كمال الصورة للعالم الكبير- بكونه على الصورة بانفراده , من غير حاجة إلى العالم , فالإنسان الكامل واحد يقوم مقام الجماعة , فإنه أكمل من عين مجموع العالم , إذ كان نسخة من العالم حرفاً بحرف (( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم )) ويزيد أنه على حقيقة لا تقبل التضاؤل ( خلق الله آدم على صورته ) فحاز الإنسان الكامل صورة العالم وصورة الحق , ففضل بالمجموع , فجعل الحق الإنسان الكامل نسخة من العالم كله , فما من حقيقة في العالم إلا وهي في الإنسان , فهو الكلمة الجامعة وهو المختصر الشريف , وجعل الحقائق الإلهية التي توجهت على إيجاد العالم بأسره , متوجهة على إيجاد هذه النشأة الإنسانية الإمامية , فخلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم , وأبرزه نسخة كاملة جامعة لصور حقائق المحدث وأسماء القديم , أقامه سبحانه معنى رابطاً للحقيقتين , وأنشأه برزخاً جامعاً للطرفين والرقيقتين , أحكم بيديه صنعته , وحسن بعنايته صبغته , وكانت مضاهاته للأسماء الإلهية بخُلُقِه , ومضاهاته للأكوان العلوية والسفلية بِخَلْقِه فتميز عن جميع الخلائق , بالخِلْقة المستقيمة والخُلق , عَيَّن سبحانه سره مثالاً في حضرة الأسرار , وميز نوره من بين سائر الأنوار , ونصب له كرسي العناية بين حضرتيه , وصرف نظر الولاية والنيابة فيه وإليه .