أداب المواكلة : المحدث ـ المستأثر
التصوف بكل لغات العالم :
المحدث
والمحدث: هو رب المنزل يشاغل مؤاكليه بالحديث المتصل الذي يستدعي الجواب، ويلهيهم، بالإصغاء إليه، عن الأكل، وذلك معدود من اللؤم؛ أما الحديث الذي لا يستدعي جواباً، فهو من صاحب المائدة أحسن منه من المدعو والزائر.
قال بعضهم صادف زاداً وحديثاً يشتهى: إن الحديث طرق من القرى؛ ويستجاد لبعض المحدثين قوله:
كَيفَ اِحتيالي لِبَسطِ الضَيفِ مِن خَجَلٍ ... عِندَ الطَعامِ فَقَد ضاقَت بِهِ حِيَلي
أَخافُ تَكرارَ قَولي كُلَّ فاحِشَةٍ ... وَالضَيفُ يَنسُبُهُ مِنّي إِلى البَخَلِ
المستأثر
والمستأثر: هو رب المنزل يدعو رجلاً، فيؤاكله، ثم يغلب عليه النهم، فيستأثر بأطايب اللحم لطعام دونه، وإن اتفق أن الطعام لا يكفيهما جميعاً، كان شبعه أهم عنده من إشباع ضيفه؛ وأحسن ما قبل في إيثار المؤاكل قول حاتم.
وَإِنّي لِأَستَحيِيَ رَفيقِيَ أَن يَرى ... مَكانَ يَدَيَ مِن مَوضِعِ الزَادِ بَلقَعا
وَأَنتَ إِذا أَعطَيتَ بَطنَكَ سُؤلَهُ ... وَفَرجَكَ نالا مُنتهى الذَمِّ أَجمَعا
وقال المبرد: كان متمم بن نويرة يؤخر العشاء إلى الليل انتظاراً للضيف أو طارق يؤاكله. ولقيس بن عاصم المنقري يخاطب زوجته بقوله:
بُنَّيةَ عَبدِ اللَهِ وَاِبنَةَ مالِكٍ ... وَيا بِنَةَ ذي البُردينِ وَالفُرسِ الوَردِ
إِذا ما صَنَعتِ الزادَ فَاِتَّخِذي لَهُ ... أَكيلاً فَإِنّي لَستُ آكِلُهُ وَحدي
أَما طارِقٌ أَو جارُ بَيتٍ فَإِنَّني ... أَخافُ مَذَمّاتِ الأَحاديثِ مِن بَعدي
فأجابته:
أَبى المَرءُ قَيسٌ أَن يَذوقَ طَعامَهُ ... بِغَيرِ أَكيلٍ إِنَّهُ لَكَريمُ
فَبورِكتَ حَيّاً يا بنَ عاصِمٍ ذي النَدى ... وَبورِكتَ مَيتاً قَد حَوَتكَ رُجومُ
ولآخر:
أُضاحِكُ ضَيفِيَ قَبلَ إِنزالِ رَحلِهِ ... وَيُخصِبُ عِندي وَالمُحِلُّ جَديبُ
وَما الخِصبُ لِلأَضيافِ أَن يُكثِر القِرى ... وَلَكِنَّما وَجهُ الكَريمِ خَصيبُ