الانسان الكامل : خلق الصورة الإنسانية وظهورها من وجود فرق إلى وجود جمع



التصوف بكل لغات العالم : 
خلق الصورة الإنسانية وظهورها من وجود فرق إلى وجود جمع :
لما كان المقصود من العالم الإنسان الكامل , كان من العالم أيضاً الإنسان الحيوان ، المشبه للكامل في النشأة الطبيعية , وكانت الحقائق التي جمعها الله في الإنسان متبدده في العالم , فناداها الحق من جميع العالم فاجتمعت , فكان من جمعيتها الإنسان , فهو خزانتها , فوجوه العالم مصروفة إلى هذه الخزانة الإنسانية , لترى ما ظهر عن نداء الحق بجميع هذه الحقائق , فرأت صورة منتصبة القامة , مستقيمة الحركة معينة الجهات , وما رأى أحد من العالم مثل هذه الصورة الإنسانية , ومن ذلك الوقت تصورت الأرواح النارية والملائكة في صورة الإنسان ، وهو قوله تعالى : (( فتمثل لها بشراً سويا )) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وأحياناً يتمثل لي المَلَكْ رجلاً ) فإن الأرواح لا تتشكل إلا فيما تعلمه من الصور , ولا تعلم شيئاً منها إلا بالشهود , فكانت الأرواح تتصور في كل صورة في العالم إلا في صورة الإنسان قبل خلق الإنسان , فإن الأروح وإن كان لها التصور , فما لها القوة المصورة كما للإنسان , فإن القوة المصورة تابعة للفكرة التي هي صفة القوة المفكرة , فالتصور للأرواح من صفات ذات الأرواح النفسية لا المعنوية , لا لقوة مصورة تكون لها , إلا أنها وإن كان لها التصور ذاتياً , فلا تتصور إلا فيما أدركته من صور العالم الطبيعي , فجميع العالم برز من عدم إلى وجود إلا الإنسان وحده , فإنه ظهر من وجود إلى وجود , من وجود فرق إلى وجود جمع , فتغير عليه الحال من افتراق إلى اجتماع , والعالم تغير عليه الحال من عدم إلى وجود , فبين الإنسان والعالم ما بين الوجود والعدم , ولهذا ليس كمثل الإنسان في العالم شيء .