صدق الصحابة
التصوف بكل لغات العالم :
غزوة تبوك هى أحد الغزوات التى تمت فى طقس حار وموقعها على بعد كبير من المدينة فتخلف عن الغزوة بضعة وثمانين رجلاً وعندما عاد رسول الله اعتذروا له بأعذار مختلفه إلا ثلاثة هم سيدنا كعب بن مالك وسيدنا مرارة بن الربيع العمرى وسيدنا هلال بن أمية الواقفى فقد صدقوا رسول الله القول أنهم ليس لهم عذر لعدم خروجهم وقد قال سيدنا كعب عندما سأله سيدنا رسول الله (ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟) فقلت: بلى، إنى والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلاً، ولكنى والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عنى ليوشكن الله أن يسخط على، ولئن حدثتك حديث صدق تجد على فيه إنى لأرجو فيه عفو الله، والله ما كان لى من عذر، ووالله ما كنت قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنك. فقال رسول الله (أما هذا فقد صدق، فقم حتى بقضى الله فيك).
ولقد صدق الثلاثة قولهم لرسول الله لحسن عقيدتهم فى الله ورسوله.
وبعد ذلك نهى سيدنا رسول الله المسلمون عن كلام هؤلاء الثلاثة فأجتنبهم الناس وتغيروا لهم، ولقد استكان سيدنا مرارة بن الربيع وسيدنا هلال بن أمية وقعدا فى بيوتهم يبكيان، وأما سيدنا كعب فكان يخرج للناس ويطوف فى الاسواق ويشهد الصلاة ولا يكلمة أحد ويآتى رسول الله ويسلم عليه وهو فى مجلسة فى الصلاة ويقول فى نفسة هل حرك شفتية برد السلام أم لا؟
وعندما طالت علية جفوه الناس قابله أحد أهل الشام قدم للمدينة دله الناس عليه ودفع له كتاباً من ملك غسان فلما قرأه وجد فيه "أما بعد: فإنه قد بلغنى أن صاحبك قد جافاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك". فقال سيدنا كعب فى نفسة وهذا أيضاً من البلاء، وأخذ الرسالة وألقاها فى التنور - الفرن - وسار الحال على ذلك مده أربعين ليلة، وأتاة رسول من عند رسول الله وقال له: إن رسول الله يأمرك أن تعتزل إمرأتك، فقال له سيدنا كعب: أطلقها أم ماذا أفعل. قال(لا بل أعتزلها ولا تقربها) وارسل الى الاثنين الأخرين مثل ذلك، فقالوا لزوجاتهم: ألحقن بأهلكن حتى يقضى الله هذا الامر. فجاءت امرأة هلال بن أمية إلى رسول الله وقالت له: يا رسول الله، ان هلال بن أمية شيخ ضائع، وليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال (لا ولكن لا يقربك) قالت: إنه والله، ما به حركة إلى شيئ، والله ما زال يبكى منذ كان من أمره إلى يومه هذا.
ثم لبث الثلاثة عشر ليال حتى كملت لهم خمسون ليلة من بدايه نهى النبى الناس عن كلامهم يقول سيدنا كعب: فبينا أنا جالس على الحال التى ذكر الله عز وجل وقد ضاقت على نفسى، وضاقت على الأرض بما رحبت – سمعت صوت صارخ وفى أعلى جبل سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب أبشر، فخررت ساجداً، وعرفت أنه فرج، وآذان رسول الله الناس بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فلما جاءنى الذى سمعت صوته يبشرنى نزعت له ثوبى فكسوته إياهما ببشراه، ووالله ما أملك غيرهما يومئذ، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إلى رسول الله ، فتلقانى الناس فوجاً فوجاً يهنئوننى بالتوبه فلما سلمت على رسول الله قال رسول الله - وهو يبرق وجهه من السرور – (أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك) فقال سيدنا كعب: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال (لا بل من عند الله) وكان سيدنا رسول الله إذا سر استنار وحهه كأنه قطعة قمر، ثم قال سيدنا كعب "إن من توبتى أن أنخلع من مالى صدقة إلى الله وإلى رسوله، فقال سيدنا رسول الله (أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك) فقال سيدنا كعب: فإنى أمسك سهمى الذى بخيبر يا رسول الله، إن الله نجانى بالصدق، وان من توبتى ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيت.
ويقول سيدنا كعب وانزل الله على رسوله ﴿لقد تاب الله على النبى والمهاجرين والأنصار﴾ إلى قوله ﴿وكونوا مع الصادقين﴾ التوبة 117- 119، فوالله ما أنعم الله على نعمة قط بعد ان هدانى للإسلام أعظم فى نفسى من صدقى رسول الله أن لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فإن الله تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحى شر ما قال لأحد، قال تعالى ﴿سيحلفون بالله لكم إذا أنقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم﴾ إلى قوله ﴿فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين﴾ التوبة 95-96، وقال كعب: وكنا خلفنا – الثلاثة - عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك قال تعالى ﴿وعلى الثلاثة الذين خلفوا﴾ التوبة 118، ليس الذى ذكر الله مما خلفنا من الغزو، إنما تخليفة إيانا وإرجؤنا عمن حلف له، وإعتذر إليه فقبل منهم.
اللهم أرزقنا حسن العقيدة التى تورث الصدق وحس القصد اللهم آمين
تعليقات
إرسال تعليق